بعد نشر علاء الدين لموضوعه المعنون “blogs, bloggers and blogging” في كوميونيتي تايمز، قال علاء أن موضوعه تشوه على يد المراجع (حذف شهادتين لمدونين وصور وأجزاء تعريفية ضرورية وتحريف اقتباس مني)، وأكدت لي قراءتي للموضوع ذلك، فهو أقل بكثير من قدرات علاء الصحفية واللغوية.
بعد ذلك بأيام قلائل تلقيت في بريدي الآلي رسالة ممن سمى نفسه إيهاب الزلاقي، حوت رسالته مديحا لا مزيد عليه لمدونتي (ليتني أستحقه) وتقييما من عين صحفي متخصص (يكتب في روزا بابا أسبوعيا عن إنترنت، شارك في إصدار الدستور الأول، عمل في العربي الناصري والفن السابع، رأس تحرير خالدة الذكر أونلاين والآن إكسبرينس ونشرت له ميريت كتابا عن 11 سبتمبر) تقييما للتدوين العربي. ثم ألقى إيهاب بمفاجأته عندما أخبرني بقرب صدور الدستور مجددا يوم 23 مارس (ها هي بين يدي الآن وفي شكل جديد مثير للاهتمام، ربما علقت عليه فيما بعد، يكفي معرفة أن اسم كل صفحة مثلا سطر من رباعية لصلاح جاهين!) وبها باب ثابت ينشر مقتطفات من المدونات (المصرية بالخصوص) كما هي.
قال الزلاقي:
الفكرة ببساطة هي أنني متابع بشكل ما لعملية التغير التي تتم عبر شبكة الإنترنت مع الإمكانيات اللانهائية التي تشي بها هذه الأداة، من حرية للتعبير، وسهولة في النشر، وغير ذلك [...] وكان من أحلامي في وقت ما هو إمكانية تبادل المنافع بين وسائط النشر المتعددة، واكتشاف الأصوات المصرية المعبرة بحق عن نبض الجيل والشارع وتفاصيل الحياة اليومية بداية من منتديات الحوار، ونهاية بالثورة الجديدة في عالم التعبير الشخصي (المدونات). وكان الأمر الذي يوقف دائما تنفيذ هذه الفكرة هو المكان الذي يستطيع تقبلها بصدر رحب دون المرور بتعقيدات و’كلاكيع‘ معتادة في عالم الصحافة بداية من رفض مستوى التحرر والانطلاق الذي يكتب به رواد الإنترنت، نهاية بعدم الاقتناع – أصلا – بجدوى الموضوع أو أهميته.قلت:
رغم أن مدونتين على الأقل (بالإنجليزية ومن العراق) نشر محتواهما في كتابين، لا أزال متشككا في جدوى الاختلاط بين الوسائط بهذا الطريقة التي أشرت إليها. فمحتوى المدونات مثلا لا ينفصم عن وعائها التقني، فإذا انتقل للصحافة الورقية وصل منقوصا ومختلا بلا شك، ودعك من المشكلة الأبسط الخاصة بالانتقال من وسط حر لآخر رقابي. ربما لم يكن علينا أكثر من التنبيه لهذه الظاهرة وسَوق بعض النماذج في موضعه، لا متابعة دورية وخلاصات. إن ترجمة نص من لغة لأخرى يخوض خطورات محسوبة ومحدودة لأن الواسطة في النهاية واحدة – اللغة، أما ما تتحدث عنه فأشبه بأن يطرح مغن اسطوانة في شكل كتيب يحمل كلمات الأغاني والنوت الموسيقية لكل لحن (والمعذرة لأن كل تشبيه أعرج). فكر في حل غير نشر مختارات للمدونين، حتى لا تفقد طريقة التعبير خواصها وفعاليتها.
لكن إيهاب أقنعني عندما التقينا وجها لوجه بأهمية أن تصل أصواتنا للأرض والقراء التقليديين، نوع من التبشير أو الدعاية (لقارتنا الجديدة: سيبرنطيقا، وهذه من عندي!)، كما أن الموضوع الأول الذي سيتكفل بشرح ماهية المدونات للناس هو شهادتي التي نشرتها هنا بتحفيز من علاء.
هذا إذا العدد الأول من جريدة الدستور العائدة، وهذه أول صفحة في الصحافة العربية (وربما في العالم) تتخصص في متابعة المدونات. اليوم اطلع القراء على ستة موضوعات لستة مدونين (ليس من بينها موضوعي، واكتفى المحرر بتعريف مختصر للمدونات في الترويسة)؛ من لونولف: عن الصدف السعيدة، من حياة ديدو: تأملات طريق يومي، من أفريكانو: زحمة يا دنيا زحمة، من طي المتصل: حكايتان من بعيد، من إنسان قديم: التماسات لمجلس الشعب، من يا طالع النخلة: حوار حول الأخبار. لم أشأ أن أنبأكم بذلك مسبقا لأن الإصدار الثاني كان معرضا للمفاجآت حتى آخر لحظة.
اختاروا لاسم صفحة المدونات سطر "اللي ما يتكلمش يا كُتر همّه". بعث لي لونولف برسالة قصيرة قال فيها "إننا نصنع تاريخا يا أخي".